الاستقبال
القانون الجنائي
قانون المسطرة المدنية
قانون المسطرة الجنائية
القانون المدني
قانون الاسرة
القانون العقاري
=> بيع العقار في اطار التجزئة
=> التجزئات العقارية
=> بيع العقار
حقوق الانسان
القانون التجاري
الجريدة الرسمية
مواقع مهمة
البرلمان
عروض الطلبة
مقالات قانونية
الحريات العامة
مجلات قانونية
القضاء الالكتروني
معاملات عن بعد
منشورات
اعلانات
موسيقى ملتزمة
إتصل بنا
 

التجزئات العقارية

  إن النمو الديموغرافي الذي عرفه المغرب، من خلال التحول من التعمير التقليدي الإسلامي إلى التعمير المتطور ذو الطابع الأوروبي، دفع به إلى البحث عن سبل جديدة بغية إقامة مساكن جديدة تتماشى مع التطور الديمغرافي.

 

 

وإذا كانت وثائق التعمير عبارة عن تصورات واختيارات حول كيفية استعمال المجال أو معطى من الأرض بشكل يؤدي إلى تنمية منسجمة ومتناسقة للمنطقة المعنية اقتصاديا واجتماعيا، فإن التجزئات العقارية تعتبر الوسيلة العملية التي تمكن من تنفيذ التصورات والاختيارات التي تحملها وثائق التعمير وترجمتها لواقع ملموس على المستوى الجغرافي، كما أن التجزئات العقارية تعد إطارا قانونيا لإشباع الرغبات والحاجيات في مجال السكن وغيره من الأنشطة الأخرى التجارية والصناعية والسياحية[1].

 

لذلك تدخل المشرع لسن مجموعة من القوانين لتنظيم التجزئات العقارية، كان آخرها القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات[2]، الذي كان الهدف منه أن يتولى القطاع الخاص دورا اقتصاديا هاما والحلول محل الدولة في إنعاش البناء وباقي النشاطات الأخرى.

 
 وتعتبر التجزئة العقارية إحدى أدوات التعمير العملياتي، حيث تترجم مجاليا السياسية الحضرية المتبعة وقد عرفها مفهومها تطورا ملحوظا بتطور التشريع المنظم لها، بحيث كانت التجزئات خاضعة لقواعد القانون الخاص بين المجزئ والمستفيدين[3] (قواعد القانون المدني)، في وقت لم تتوفر الظروف والإمكانيات لتحقيق تجزئات عقارية تحكمها تخطيطات سواء في جانبها الرقابي أو التقني، وقد نجم عن هذه الأوضاع تشنت المساكن في ضواحي المدن الكبرى دون تحقيق التناسق مع المتطلبات والشروط الأساسية والضرورية لإيجاد سكن لائق[4].
ولأجل هذه الغاية فإن المشرع قد أخضع التجزئة العقارية لمراقبة الإدارة وتوجيهها عبر عدة نصوص متتالية، كان أولها ظهير 16 أبريل 1914 المتعلق بالشؤون المعمارية الذي جاء لينظم ويقنن عمليات تجزيئ الأراضي وتقسيمها. وأهم ما نص عليه الظهير المذكور فيما يتعلق بالتجزئات المبادئ الثلاثة التي جاءت في المقطع الأول من الفصل 10 وهي:[5]
أ‌-     ضرورة الحصول على رخصة قبل إنجاز التجزئة من قبل الإدارة المختصة.
ب‌-           ضرورة تقديم المجزئ لتصميم متكامل إلى السلطة الإدارية المعنية من أجل الحصول على الرخصة.
ج‌- تمتع الإدارة بحق إدخال ما تراه مفيدا من تعديلات على مشروع التجزئة[6].
 وقد صدر بعد هذا الظهير، ظهيرا أخر في 16 يونيو 1933، بهدف تتميم وإضافة مجموعة من المقتضيات التي لم يتضمنها الظهير السابق، وكذا لسد الثغرات التي كانت تعتري هذا الأخير، حيث يتكون محتوى هذا الظهير من سبعة أبواب و13 فصل إضافة إلى ديباجة تبين دواعي إصداره، إذ تمحورت الأبواب الثلاثة الأولى حول الترخيص بالتجزيئ، فيما تطرقت الأبواب الأربعة المتبقية إلى العقوبات المطبقة على مخالفة مقتضيات هذا الظهير.
إن جل التشريعات السابقة في ميدان التجزيئ لم تأت بتعريف دقيق ومفصل لمفهوم التجزئة، والمسألة كانت تترك للسلطة التقديرية للإدارة للبحث فيها حسب كل حالة، وعلى هذا الأساس جاء ظهير 1953 ليحدد مفهوم التجزئة العقارية من جهة ثم يوسع من نطاقها من جهة أخرى، وقد حاول المشرع من خلاله الحد من الجدال الذي ظل قائما حول تقديم تعريف موحد لعمليات التجزئ، وعليه فإن هذا الظهير جاء بمجموعة من التعديلات يمكن ذكر أهمها:[7]
1-          تحديد مفهوم قانوني للتجزئة السكنية والصناعية والتجارية؛
2-          تحديد أجل لإنجاز أعمال تجهيز التجهيزات يحدد في ثلاث سنوات؛
3-          تقليص المدة المحددة لدراسة ملف التجزئة من طرف الإدارة.
 ولقد تعددت الدراسات الفقهية التي حاولت تعريف التجزئة العقارية، وهذا التعدد لا يعني في حد ذاته الاختلاف من حيث الجوهر، فغالبية التعاريف المقترحة تتفق في التأكيد على خصوصية هذه العملية، التي ارتبطت في روحها وفلسفتها بالمنطق الذي تخضع له المعاملات العقارية القائمة على عنصر التفاعل مع المعطيات الاقتصادية والاجتماعية[8].
 وقد ذهب المشرع المغربي إلى تعريف التجزئة العقارية في المادة الأولى من القانون 90. 25 المتعلق بالتجزئات بأنها "تقسيم عقار من العقارات عن طريق البيع أو الإيجار القسمة إلى بقعتين أو أكثر لتشييد مباني للسكن أو لغرض صناعي أو سياحي أو تجاري أو حرفي مهما كانت مساحة البقع التي يتكون منها العقار المراد تجزئته".
فمن خلال المادة الأولى من القانون 90. 25 نستنتج على أن التجزئة العقارية قد تكون سكنية أو صناعية أو سياحية أو تجارية أو حرفية، وهي إن اختلفت من حيث هدفها والغرض منها إلا أن المشرع لم يفرق بين هذه الأنواع من حيث الإجراءات والقواعد المنظمة لها.
وعليه يمكن إبراز العناصر الجديدة لهذا التعريف من خلال:
ü    القسمة التي يترتب عنها تقسيم الملكية العقارية؛
ü    عدم الأخذ بعين الاعتبار مقياس المساحة في تعريف التجزئ؛
ü    توسيع الاستعمالات المخصصة لها الأرض إلى استعمالات سياحية وحرفية؛
 فهذا التوسيع الجديد لمفهوم التجزئة يمكن الإدارة من ضبط العمليات العقارية التي يمكن أن ينتج عنها خلق تجزئات عشوائية، ومراقبة كل عملية يتولد عنها مباشرة، وعلى الأمد القريب، تشييد مجموعة من البنايات.
 إلا أنه وعلى الرغم من تواجد ترسانة قانونية في مجال التجزئي، لازال المشهد العمراني داخل مدننا يشهد عشوائية وسوء في تنظيمه وعليه فإن الإشكال الذي يطرح نفسه هو البحث عن الخلل في مجال تدبير التجزئ وفق مقتضيات القانون 90. 25.
 فما هي إذن مسطرة التجزيء؟ وما هو الدور الرقابي الذي تلعبه الإدارة أثناء وبعد قيام المجزئ بعمليات التجهيز والتجزيء؟ وكيف يتدخل القضاء المغربي على اعتباره عنصر محايدا يعمل لتحقيق المصلحة العامة؟
 تلكم كانت أهم الأسئلة التي يطرحها الموضوع والتي سنحاول الإجابة عنها اعتمادا على المنهجية الموالية:
المبحث الأول: الإذن بإحداث التجزئة العقارية
-      المطلب الأول: المسطرة المعتمدة في إحداث التجزئات العقارية
-      المطلب الثاني: التـزامـات وحـقـوق المـجزئ
المبحث الثاني: الإجراءات القانونية لضبط مخالفات التجزئة العقارية
المطلب الأول: الإطار القانوني لضبط المخالفات
المطلب الثاني: دور السلطتين الإدارية والقضائية في زجر المخالفات
المبحث الأول: الإذن بإحداث التجزئات العقارية                                 
 
إن المشاكل التي طرحها النسيج العمراني المغربي والمتسم في غالبيته بعدم التناسق والتوسع الأفقي نتيجة تتابع السكن والبناء العشوائي الذي يمتاز بقلة التكلفة الناتج عن ظاهرة التهرب الضريبي[9]، ولأجل هذه الغاية فإن المشرع المغربي قد خص المجزئ بضرورة الحصول على الإذن المسبق من الإدارة وفق مسطرة قانونية.
 
المطلب الأول: مسطرة إحداث التجزئات العقارية
تتجلى مسطرة تسليم الإذن بإحداث تجزئة عقارية من خلال تقديم الملف ودراسته من طرف السلطة المختصة ثم إصدار قرار في نهاية المسطرة.
 
الـفـرع الأول: تـقـديـم الـمـلـف
سنتطرق في هذا الفرع إلى طلب رخصة التجزئة (كفقرة أولى)، ثم إلى محتوى الملف (فقرة ثانية)، والسلطة المختصة بمنح الإذن (كفقرة ثالثة).
 
 الفـقـرة الأولى: طلـب رخـصـة الـتجـزئـة
إن رخصة التجزئة هي قرار تتخذه الإدارة، بعد دراسة المشروع الذي يتقدم به المجزئ في شكل طلب إلى الإدارة المختصة، حيث لا يمكن لأي شخص الشروع في أعمال تقسيم أملاكه العقارية إلا بعد موافقة الإدارة، لذلك وجب تقديمه لطلب قصد الحصول على رخصة إدارية سواء أكان المعني بالأمر شخصا طبيعيا أو معنويا خاصا أو عاما[10].
وإذا كان تقديم الطلب لم يتم بصورة بديهية من طرف مالك الأرض، فإنه يمكن كذلك تقديمه من طرف وكيل له، أو أي شخص يثبت أحقيته في القيام بتجزئة الأرض موضوع التقسيم من أجل البناء (مثال: أرض في ملكية الورثة)، وتجدر الإشارة أن قانون 90. 25 لم يشير إلى هذه النقطة صراحة بل نظمتها الدوريات الصادرة بتطبيق هذا القانون.
 
الفـــقـرة الــثـانـيــة: مـحـتـوى مـلـف الـمـشــروع
تكمن أهمية الوثائق المقدمة من قبل المجزئ ضمن ملف المشروع في كونها تساعد السلطات الإدارية المختصة للتعرف على مشروع التجزئة بدقة، وأيضا البث في مدى مطابقتهما للقوانين والمقتضيات المنظمة للتعمير، بحيث أن هذه الوثائق لا تقتصر فقط على إثبات الملكية، بل إنها تتعداها لتشمل البعد الهندسي.
وقد حددت المادة الرابعة من الباب الأول للقانون 25.90 هذه الوثائق في:[11]
1.رسم طبوغرافي على أساس النقط المحسوبة للدائرة المراد تجزئتها المبنية على الخريطة العقارية؛
2.المستندات المتعلقة بالتصور المعماري للتجزئة؛
3.المستندات الفنية المتعلقة بإنجاز الطرق ومختلف شبكات الماء والصرف الصحي والكهرباء؛
4.دفتر الشروط والتحملات، الذي يتضمن بشكل خاص بيان مختلف أنواع الارتفاقات التي تتقل العقار، وحجم المباني، وشروط إقامتها، والتجهيزات التي تتحمل الجماعة الحضرية أو القروية إنجازها، وكذا التجهيزات التي يجب أن ينجزها صاحب التجزئة؛
5.كما يتعين على المجزئ الإدلاء ضمن وثائق المشروع بكل شهادة تفيد تقديمه لمطلب التحفيظ، مع مضي الأجل القانوني للتعرضات دون حصول أي تعرض في حالة ما إذا كان العقار في طور التحفيظ؛
 
ويبقى موقف المشرع من كون اشتراطه (ضرورة) تحفيظ العقار المراد تجزئته موقفا سليما، لأن من شأن ذلك حسم الأمور وتلافي ما قد يحدث من مشاكل أو عراقيل، وما ينجم من نزاعات في حالة كون العقار غير محفظ[12].
 
فالتحفيظ العقاري يعتبر تطهيرا للملكية العقارية من جميع دعاوي الاستحقاق والحقوق السالفة غير المضمنة بالكناش العقاري الذي تحتفظ به المصالح الإدارية، وهو حجة قاطعة على ثبوت الملكية لصاحب الأرض[13].
 
إلا أن الواقع قد أثبت أن نسبة هامة من مشاريع التجزئات أنجزت فوق أراض غير محفظة، أيضا أنجزها منافيا للقوانين ولا تحترم أبسط القواعد المنظمة للقطاع نظرا لما يمكن أن يطرحه نظام التحفيظ من عراقيل نتيجة التعرضات، وبالخصوص التعرضات الكيدية، كما تجدر الإشارة إلى أن نسبة العقار في المغرب لا تتجاوز 5 ملايين 100 ألف هكتار حسب بعض الإحصاءات وهذه النسبة هي جد هزيلة مقارنة بالمساحة الكلية للعقار بالمغرب[14].
 
 الفقرة الثالثة: السلطة الإدارية المختصة بمنح الإذن بالتجزئ
سنتعرض إلى دور كل من المجالس الجماعية (أولا)، تم دور الوكالات الحضرية (ثانيا).
أولا: دور المـجـالـس الجـماعـية
بالرجوع إلى القانون 90. 25، نجد العديد من المواد التي تبرز بجلاء وجود هذه الشرطة، فالمادة الثانية من نفس القانون تنص بصريح العبارة على أن إحداث التجزئات العقارية يتوقف على الحصول على إذن مسبق، بينما تنص المادة الثالثة على أن رئيس المجلس الجماعي الحضري أو القروي كجهة مختصة في منح الإذن بإحداث التجزئات العقارية، أما المادة السادسة فقد جعلت تسليم هذا مرهونا بتوفر التجزئة على الشروط المقررة في الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وخصوصا الأحكام التي تتضمنها تصاميم التهيئة أو التنطيق.
 
فتسليم الإذن بإحداث التجزئة العقارية هو من صلاحيات رئيس الجماعة التي يوجد بها مشروع التجزئة العقارية، هذا إذا كان الأمر يتعلق بتجزئات توجد بالمنطقة التابعة لاختصاص المجلس البلدي، أما في حالة التجزئة العقارية الواقعة بين جماعتين أو أكثر فإن الإذن بالتجزئة يسلم من طرف وزير الداخلية، بعد أخذ رأي رؤساء المجالس الجماعية المعنية، ويمكن أن يفوض الوزير هذه السلطة إلى الوالي أو عامل الإقليم أو العمالة المعنية.
 
ثـانـيا: دور الـوكـالات الحـضـريـة
تمارس الوكالات الحضرية اختصاصاتها داخل تراب مجموع الجماعات الحضرية والقروية المتواجد في منطقة نفوذها، ومن أهم اختصاصاتها في الباب:
1.    الموافقة على جميع مشاريع التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والبناء سواء أكان من أجل التجارة أو الصناعة أو السكن؛
2.    مراقبة مطالبة أعمال التجزئات والبناء والتقسيم أعلاه، التي هي قيد الإنجاز مع الأحكام والنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها في ميدان التعمير، ومع رخص التجزئات والبناء أو التقسيم المسلمة إلى المعنيين بالأمر.
 
وتجدر الإشارة إلى أن دراسة طلبات رخص التجزئات وغيرها من طرف الوكالات الحضرية لا تلغي دور الجماعات وكذا الاستشارات الواجب القيام بها بما فيها الإجبارية والاختيارية.
 
الـفـرع الـثانـي: دراســة الـمـلـف
يخضع كل مشروع تجزئة – إضافة إلى الآراء والتأشيرات المقررة في الأحكام التشريعية والتنظيمية- وعند انعدامها إلى رأي المصالح الخارجية التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالتعمير، وتخضع لضرورة استطلاع رأي السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير المشاريع التالية:[15]
1. التجزئات التي تحتوي على خمسين بقعة أو مائة سكن على الأقل، الواقعة بالمناطق التي لا يحدد تخصيصها تصميم للتنطيق أو تصميم للتهيئة.
-2التجزئات التي تحتوي على 200 مسكن على الأقل، أو التي من المزمع إنجازها على أرض تعادل أو تتجاوز مساحتها خمسة هكتارات، باستثناء التجزئات التي تتجاوز مساحتها بقعها 2500 م2الواقعة بالمناطق التي حدد تخصيصها تصميم للتنطيق أو تصميم للتهيئة؛
-3التجزئات المزمع إنجازها باسم دولة أجنبية؛
-4التجزئات المزمع إنجازها باسم بجوار القصور أو الإقامات الملكية.
وعند انتهاء بحث الطلب، يبلغ الإذن في إحداث التجزئة لطالبه برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، ويرفق الإذن بنسخة من كل المستندات المكونة لملف التجزئة، حاملا عبارة "مقبول نهائيا، وتوقيع السلطة المختصة بتسليم الإذن ورقم وتاريخ قرار الإذن، كما يتعين الاحتفاظ بشكل دائم، بنسخة من قرار الترخيص ونسخ من جميع المستندات المرفقة به الحاملة لعبارة –غير قابل للتغيير- بموقع الورشي رهن إشارة المكلفين بالمراقبة من يوم ابتداء الأشغال إلى تاريخ الحصول على شهادة التسليم النهائي للأشغال[16].
 
أضف إلى ذلك ما نصت عليه المادة 11 من قانون 90. 25 على أنه يسقط الإذن في القيام بالتجزئة سواء كان صريحا أو ضمنيا إذا انقضت ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ تسليمه أو من تاريخ انتهاء أجل ثلاثة أشهر المشار إليه في المادة الثامنة من نفس القانون، وذلك دون أن يكون المجزئ قد أنجز أشغال التجهيز المشار إليها في المادة 18 من هذا القانون، وعليه فإن المعني بالأمر لا يمكنه أن يشرع في الأشغال، أو يتابعها بعد انصرام أجل ثلاث سنوات.
 
الفـرع الثـالـث: قـرارات السلـطة الإداريـة
يبقى للإدارة سلطاتها الواسعة في مجال دراسة مشروع الإذن في التجزئة، وهذا ما نص عليه المشروع من خلال نصوص القانون 90. 25 إلا أن هذه السلطات تظل خاضعة لمقتضيات القانون ووثائق التعمير السارية المفعول، بحيث أنها لا تتخذ قرارها النهائي إلا بعد دراسة المشروع من طرف الجهات الإدارية المختصة ويمكن أن يكون قرارها قبولا أو رفضا.
 
الفقـرة الأولى: مــوافــقــة الســلطــة الإداريـــة
سنتعرض في هذه الفقرة إلى الموافقة الصريحة والضمنية والمشروطة.
 
أولا: الـمـوافـقـة الـصريـحــة
يعد قرار الترخيص الفاصل الذي يسمح بمباشرة إنجاز أعمال المشروع، فبمجرد حصول المجزئ على الرخصة الإدارية الصريحة، فإن مشروعة يعتبر قد حصل على موافقة السلطة المختصة وأنه يحترم التشريعات المتعلقة بالتعمير وعلى وجه شمولي وكذا القواعد التي تفرضها تصاميم التهيئة وقواعد قانون التجزئات وعلى وجه الخصوص.
 
ثــانـيـا: المـوافـقـة الـضـمنـية
حسب منطوق المادة الثامنة من القانون 25.90، فإنه يمكن للمجزئ الحصول على الموافقة الضمنية بإحداث تجزئة عقارية، وذلك في حالة سكوت الإدارة لمدة ثلاثة أشهر تبتدئ من تاريخ إيداع طلب إحداث التجزئة.
إلا أن هذه الحالة لا تنطبق على الأراضي التي تكون الأغراض المخصصة لها محددة من قبل تصاميم التنطيق أو تصاميم التهيئة.
كما أن المشرع اعتبر سكوت الإدارة طوال مدة ثلاثة أشهر رفضا ضمنيا حسب المادة 11 من ظهير 1960 المنظم للتجزئات في المناطق القروية يسمح لطالب الترخيص إمكانية عرض المسألة على أنظار عامل الإقليم الذي يبدي رأيه في ظرف ثلاثة أشهر.
ويتعين على طالب الإذن المستفيد من الموافقة الضمنية إشعار الإدارة بواسطة البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل، بالبدء في الأشغال بالطريقة المقررة بالملف بطلبه، ويتوقف سريان الأجل المشار إليه أعلاه كلما تقدمت الإدارة الجماعية باقتراح أو تعديل لمشروع التجزئة المودع لديها حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من القانون أعلاه. هذا الاقتراح بالتعديل يجب أن يبعث به إلى طالب الإذن بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل كذلك[17].
 
ثـالـثا: المـوافـقـة الـمشـروطـة
بناء على مقتضيات الدوريات المعمول بها في ميدان التعمير، فإن للإدارة الحق في منح الإذن بالتجزئة العقارية بكيفية مشروطة، على أن يستجيب المعنيون بالأمر أثناء تنفيذ الأشغال للشروط التي تتضمنها رخصة المشروع أو التجزئة.
 
غير أن هذه الشروط يجب أن تكون قانونية ولازمة، ومفيدة للمشروع وتنفيذ الصالح العام، وفي مصلحة المجزئين أيضا ما دام أن هؤلاء يفضلون الإدارة على أن يتم رفض المشروع.
 
الفـقـرة الثـانـيـة: رفـض السـلـطة الإداريـة
فاستنادا إلى مقتضيات المادة الخامسة من القانون25.90، فإن طلب الإذن بإحداث التجزئة لا يقبل في حالتين هما:
1-    العقار غير محفظ ولا بصدد التحفيظ؛
2-    الحالة التي يكون فيها الملف غير متضمن لكل الوثائق والمستندات المنصوص عليها قانونا.
 
فعدم القبول يفيد إمكانية إعداد الملف من جديد، وتحضير طلب مستوفي الشروط والوثائق لعرضه على الإدارة وفق الأجل المحدد قانونا[18].
ونظرا لأهمية التجزئات العقارية في توفير السكن ودعم الاستثمار، فإن المشرع، حسب المادة 7 من نفس القانون ألزم الإدارة بتعليل قرار رفضها وذلك لتمكين صاحب الطلب من معرفة الأسباب التي كانت وراء الرفض.
 
المطلب الثاني: التـزامـات وحـقـوق المـجزئ
عمل المشرع على إعطاء المجزئ حقوقا والتزامات بهدف حماية مصلحته، وكذا المصلحة العامة المتمثلة في حماية حقوق المستفيدين من التجزئة، حيث تعمل الإدارة على رفض المشاريع التي لا تتماشى مع السياسة السكنية المطبقة، بالإضافة إلى متابعة عملية التجرئ عن قرب.
 
الــفـــرع الأول: الـــتــزامــات المــجـــزئ
على الرغم من كون عملية التجزئ مبادرة خاصة، فإن المشرع فرض مجموعة من الالتزامات على المجزئ، وذلك تفاديا لبعض المشاكل التي قد تنتج من جراء تجاهل بعض المقتضيات التشريعية ومن أهم هذه الالتزامات[19].
 
أولا إنجاز الأشغال: بعد حصول المجزئ على موافقة الإدارة بإحداث التجزئة فإن هذه الرخصة لا تبقى مرتبة لنتائجها إلى أجل غير محدود، فالرخصة تعتبر ملغاة في حالة عدم بدء الأشغال وفق المدة المحددة قانونا كما سبق الإشارة.
 
ثانيا: تحمل التجهيزات خارج التجزئة: طبقا للمادة 20 من قانون 25.90 فإنه يمكن لصاحب المشروع أن يحل محل الجماعة الحضرية أو القروية في إنجاز الأشغال الضرورية لإيصال تجزئته بالشبكات الرئيسية للطرق والصرف الصحي الموجودة خارج تجزئته، على أساس اتفاق يبرمه مع الجماعة، وبالمقابل فإن الجماعة تقوم بتعويض المجزئ عن الأشغال التي أنجزها خارج تجزئته.
 
ثالثا تحمل الارتفاقات القانونية: لقد أجاز القانون للإدارة مانحة الرخصة، أن تعلق إصدار هذه الرخصة على إدخال تعديلات على المشروع إذا رأت منفعة في ذلك:
1.إنشاء ارتفاقات تستجيب لما تقتضيه متطلبات الأمن العام والصحة العامة والمرور.
2.الاحتفاظ بالأشجار الموجودة في الأرض المراد تجزئتها.
 
رابعا قيد التجزئة في السجل العقاري: ألزم المشرع المجزئ بإيداع نسخة من الملف محل الإذن في إحداث تجزئة في المحافظة العقارية، وذلك زيادة في الاحتياط لمصالح المستفيدين من التجزئة. مما يلزم عليه قيد التجزئة في الصك العقاري وبإنشاء صك عقاري لكل بقعة.
 
خامسا الاستعانة الإجبارية بالمهندسين: لإنجاز مشروع التجزئة ألزم المشرع المجزئ بالاستعانة بالمختصين[20] في التهيئة الذين يحددهم القانون المهندس المعماري ومهندس المساحة المختص نظرا لما تتسم به هذه العملية من طابع تقني تفرض الإلمام بتقنيات الهندسة المعمارية.
الفـرع الثـــانــي: حــقـــوق الـمجـــزئ
إذا كان المشرع قد ألزم المجزئ بمجموعة من الواجبات قصد الحفاظ على المشهد الحضري وكذا حماية مصلحة المستفيدين من التجزئة، فإنه بالمقابل منح حقوق تشكل ضمانة شخصية للمجزئ وحقوقا تسهل عمله عند القيام وبأعمال التجهيز وهذه الحقوق هي:
1.الرخصة الضمنية؛
2.تعليل الإدارة لرفض الإذن بأحداث التجزئة؛
3.إنجاز التجزئة عل قطاعات أو أقساط؛
 
لقد نصت المادة 37 من القانون 25.90 على أنه يمكن أن يؤدي لصاحب التجزئة بتجهيز تجزئته بناءا على أقساط وفق الشروط المنصوص عليها في المواد من 38 إلى 42 من نفس القانون. فإنجاز التجزئة على قطاعات أو أقساط يهدف من خلالها المشرع منح تسهيلات من شانها العمل على تمكين المجزئ من إنجاز تجزئته في أحسن الظروف.
 
إلا أن ما تجدر الإشارة إليه هو التمييز بين إنجاز التجزئة قطاعات وانجاز عملية التجهيز بأقساط، فإنجاز التجزئة قطاعا هي عملية مستقلة عن عملية إن في هذه الحالة يمكن بيع أو لإيجار كل قطعة على حدة حتى تم تسليم أشغال تجهيزها أما العملية الثانية فإنها ترمي إلى تقسيم أشغال التجهيز إلى قسطين أو عدة أقساط لا يكون لها بالضرورة ارتباط مع قطاعات معينة وهذه الأقساط إذا ما تم إنجازها أي واحد منها فإنه بإمكان صاحب التجزئة أن يتصرف في عدد من البقع.
 
ولكي يستفيد المجزئ من هاته الإمكانية القانونية فإن من الضروري أن يرفق الطلب بالوثائق التكملية التالية:
أ. برنامج يحتوي على بيان تقسيط الأشغال، مع تقدير تكلفتها، وتعيين البقع الأرضية التي يطلب صاحب التجزئة الإذن ببيعها أو إيجارها فورا انتهاء كل قسط من أقساط الأشغال،
ب. تصريح مصادق على الإمضاء الذي يحمله، ويتضمن جميع المعلومات المتعلقة بطريقة تمويل الأشغال والضمانات لتأمين ذلك،
ج. كما يجب أن يكون الضمان المدلى به كافيا لتغطية الأشغال التي لم تنجز بعد بيع البقع الأولى، والغاية من ذلك هو حماية الجماعة عند تخلي المجزئين عن إتمام التجهيزات الضرورية فالضمان المالي يمكن الإدارة من تغطية مصاريف إنجاز تجهيز التجزئة في حالة عدم قيام المجزئ بذلك[21].
 
الـفــرع الــثالــث: التـسلــيـم المــؤقــت والنــهـائــي
يعتبر التسليم المؤقت والنهائي من أهم الوسائل الرقابية للإدارة على أشغال التجهيز لضمان حسن الأشغال المقامة بالتجزئة، وأنها لا تخالف القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، إضافة إلى ضمانة لحقوق المستفيدين منها.
أولا: الـتـسلـيـم الـمؤقــت
يقصد بالتسليم المؤقت، معاينة اللجنة المختصة للأشغال وتقدير مدى مطابقتها لمشتملات المشروع، ويعتبر آلية مهمة تخول للجماعة دورا بارزا في مجال مراقبة استعمال المجال[22]، حيث لها إمكانية التأكد من أن أشغال التهيئة وإعداد الأرض للبناء والصرف الصحي قد ثم إنجازها وفق ما ينص عليه المشروع الصادر بشأنه الإذن ويجب أن يتم التسليم داخل 45 يوما التي تلي التصريح بانتهاء الأشغال[23].
حيث يتم تحري محضر من طرف لجنة التسليم المؤقت على أن التجهيزات قد أنجزت طبقا للمستندات المصادق عليها، وإذا وقع العكس، يجب تحرير محضر معاينة توضح أوجه الاختلاف بين ما أنجز في الواقع وبين المستندات التي تم الاعتماد عليها للإذن بالتجزئة، تم يتم تبليغ الوثيقة إلى صاحب التجزئة وفق ما نصت عليه المادة 26، وعلى هذا الأخير تسوية الوضعية القائمة، إما بإزالة بعض المنشآت أو بإنجاز أشغال تكميلية، وللسلطة الإدارية المحلية أن تبادر تلقائيا، وعلى نفقة صاحب التجزئة بهدم المنشآت المقامة بصورة غير قانونية، أو بإنجاز الأشغال اللازمة[24].
 
ثـانـيا: التـسليـم النهـائـي
هو إجراء مكمل لسابقه، وهو الآلية التي تعتمدها الإدارة الجماعية لممارسة صلاحيتها في المراقبة والتحقق من سلامة التجزئة من العيوب في المرحلة الثانية. فإذا كان الهدف من التسليم المؤقت كما رأينا هو التأكد من مدى مطابقة أشغال التجهيز لمنشآت المشروع، فإن المراد والغاية المتوخاة من التسليم النهائي التحقق من سلامة التجهيز من العيوب بعد مضي سنة على التسليم المؤقت، وهو بذلك يشكل وسيلة للتأكد من سلامة التجهيز والتحقق من أن الطرق ومختلف الشبكات لا يشوبها أي عيب، وأن إنجازها تم وفق القواعد القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل[25].
 
وبعد قيام المجزئ بجميع هذه الإجراءات والأشغال التي يفرضها القانون فإن الوضع القانوني والمادي للتجزئة العقارية يكون صحيحا الشيء الذي يخول لصاحب التجزئة التعامل بها سواء بالبيع أو الكراء أو القسمة.     
المبحث الثاني: الإجراءات القانونية لضبط مخالفات التجزئة العقارية
بعد أن أعد المشروع ترساننة قانونية منظمة للمجال الحضري والقروي واضعا بذلك عدة قيود وضوابط ألزم احترامها، سواء بالنسبة للأفراد أو الإدارة فإنه خصص مجموعة من الجزاءات على مخالفة أحكام القانون من خلال الفصل الأول من الباب الخامس المعنون بالعقوبات الجنائية والقائم على تحديد المخالفات وكيفية معاينتها، مع إيضاح دور كل من السلطتين الإدارية والقضائية في رصد تلك المخالفات وضبطها.
وعليه سنخصص هذا المبحث للنظر في الإطار القانوني لضبط المخالفات تم إلى دور السلطتين الإدارية والقضائية في زجرها من خلال المطلبين التاليين.
 
المطلب الأول: الإطار القانوني لضبط المخالفات
قبل أن نتطرق إلى تحديد المخالفة ومسطرة الضبط والمعاينة، يجدر بنا التنبيه على أن المقصود بالمخالفة في أحكام هذا القانون هي الخروقات وليست المخالفات بمفهوم القانون الجنائي وتكيف هذه الخروقات كجنح في الغالب ويستفاد ذلك من مدة تقادم الجريمة (الجنحة) أو العقوبة (ضمن سنوات) كما يستفاد ذلك من مبلغ المطبق كعقوبة.
 
الفـقـرة الأولــى: تـحـديد المخـالـفات
نص القانون 25.90 على مجموعة من الإجراءات القانونية لضبط المخالفات التي قد نتج عن الأفراد في مجال التجزئ باعتبار أن كل قانون إلا ويحمل في طياته عناصر تطبيقه، ومن بين أهم هذه نجد العناصر الزجرية التي تهدف إلى ردع كل مخالفة لمقتضياته[26].
غير أن هذا القانون يتميز بخصوصية هامة، وذلك بتطبيقه على مجموع التراب الوطني ما عدا في التجمعات العمرانية الموضوع لها تصميم تنمية مصادق عليه والخاضعة لظهير 25 يونيو 1960 بشأن التجمعات والتكتلات القروية.
 
وتختلف العقوبات باختلاف أنواع المخالفات التي ينص عليها القانون والتي تتجلى في شكل غرامة أو توقيف للأشغال أو هدر.
وتحدد مخالفات قانون 25.90 الخاص بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات في:
أ- إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إنجاز أشغال التجهيز أو البناء لذلك الغرض دون الحصول على إذن مسبق إداري لقيام بذلك (المادة 63)
وللإشارة، يعتبر شريكا لمرتكب هذا النوع من المخالفة: رب العمل والمقاول الذي أنجز الأشغال، وكذا المهندس المعماري أو المهندس المختص أو المندس المساح، أو كل مشرف صدرت عنه أوامر نتجت عنها مخالفة (المادة 67).
ب- بيع أو إيجار أو قسمة بقع تجزئة أو مساكن مجموعة سكنية أو عرضها للبيع أو الإيجار، إذا كانت هذه البقع أو المساكن من تجزئة أو مجموعة سكنية غير مأذون في إحداثها، أو لم يسبق أن كانت أشغال تجهيزها محل التسلم المؤقت (المادة 64)،
ج- تقسيم العقارات عن طريق البيع أو القسمة أو بيعها على الشياع، إذا كان هذا التقسيم أو البيع لم يحصل على إذن سابق طبقا لمقتضيات المادة 58 من القانون 25.90.
 
الفـقـرة الـثانية: مسطرة ضبط ومعاينة المخالفات
قبل الحديث عن مسطرة ضبط ومعاينة المخالفات وجب في البداية التذكير بالأصناف المكلفة بمعاينة المخالفات وهم:
1.ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليهم في قانون المسطرة الجنائية[27]
2.موظفو الدولة المعتمدون من طرف الوزير المكلف بالتعمير
3.موظفو الجماعات الحضرية والقروية المعتمدون من قبل رئيس المجلس الجماعي.
 
فكلما عاين أحد هؤلاء المكلفين مخالفة من المخالفات المذكورة أعلاه، حرر محضرا بشأنها، ووجهه في أقل أجل ممكن إلى كل من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية المختصة، وعامل العمالة أو الإقليم، ورئيس المجلس القروي أو الحضري، وكذا إلى مرتكب المخالفة (المادة66).
 
ويمكن هنا ملاحظة المسؤولية الموضوعة على عاتق الموظف المنوطة به مهمة معاينة المخالفات، إذ عليه ولو كان تابعا لأي جهة من الجهات الإدارية (الدولة أو الجماعة) وبدون الرجوع إليها توجيه محضر مباشر إلى كل الأطراف المعنية، حتى يقوم كل واحد منهم بما هو منوط به في أسرع الآجال[28].
 
وينبغي أن يتضمن المحضر كل التفاصيل الضرورية لمعرفة نوعية المخالفة أو المخالفات، وأهميتها وتعددها، ومرتكبها، ومشاركيه المحتملين كالمقاول الذي أنجز الأشغال، والمهندس المعماري والمهندس المختص، ومهندس المساحة، والمشرف الذي كانت المخالفة نتيجة الأوامر الصادرة عنه.
 
ومن شأن هده التفاصل المضمنة في المحضر، مساعدة السلطات الجماعية والإقليمية على اتخاذ الإجراءات المناسبة لإيقاف الأشغال أو محوها ومن شانها أيضا تنوير السلطات القضائية، حتى تكون على بينة من نوع المخالفة وخطورتها، وبالتالي ملائمة العقوبة لها.
 
المطلب الثاني: دور السلطتين الإدارية والقضائية في زجر المخالفات
الــفـقـــرة الأولــى: تــدخــل الســلـطــة الإداريــة
يتجلى تدخل السلطة الإدارية في الأمر، إما بإيقاف الأشغال أو إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو بهدم الأبنية حسبما تقتضيه الحالة.
 
فعامل العمالة أو الإقليم ملزم بإصدار أمر يرمي إلى إيقاف أشغال التجهيز أو البناء الجاري فيها العمل، التي تهدف إلى إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية غير مأذون لها إما:
üبملك من الأملاك العامة
üأو بملك الخواص، إذا كان لا يسمح بالبناء فيها بموجب وثيقة من وثائق التعمير من مخطط توجيه التهيئة العمرانية أو تصميم التنطيق أو تصميم التهيئة.
 
ويصدر العامل هذا الأمر إما تلقائيا، وإما بإيعاز من رئيس المجلس الجماعي المعنى، ويحق للعامل أن بأمر كذلك بإعادة حالة العقار موضوع التجزئة إلى ما كانت عليه، وكذا بهدم أبنية المجموعة السكنية المنجزة، ويحدد العامل الأجل الذي على مرتكب المخالفة أن ينفذ داخله الأشغال المطلوب تنفيذها[29].
 
وإذا لم يجد الأمر الصادر من قبل العامل أذانا صاغية من قبل المخالف، بحيث لم ينفذ كلا أو جزءا مما هو مطلوب منه في الأجل المحدد يحل العامل أو رئيس المجلس الجماعي على حد السواء محله في ذلك، وفي هذه الحالة يتحمل المخالف مصاريف الأشغال المنجزة (المادة 71).
 
وينبغي أن نسجل أن الحالة الوحيدة التي يمكن، بل يجب على السلطات الإدارية أن تتدخل فيها مباشرة، هي التي تعتبر على درجة كبيرة من الخطورة، ألا وهي الحالة التي تنجز بها تجزئة أو مجموعة سكنية بدون إذن سابق فوق عقار غير مخصص قانونا للبناء، وهذا يعني أنه في الحالة التي ينجز فيها مشروع من هذا القبيل حاصل على إذن مسبق ولكن تشوبه مخالفة من المخالفات الأخرى، ليس للعامل ولا لرئيس المجلس الجماعي أن يتدخل بل إن السلطة القضائية هي المختصة، وهذا ما يثير إشكالات كبرى أمام القضاء الإداري يظهر في كثير من الأحيان تجاوز استعمال السلطة ومخالفة القانون من طرف الإدارة، أو مخالفة في أحيان أخرى من طرف طالبي الإلغاء.
 
الفـقــرة الـثــانيــة: تــدخــل الســلطة القضــائية
تبقى المحاكم مختصة في جميع الحالات للنطق بالعقوبات الجنائية سواء أتدخلت السلطة الإدارية أو لم تتدخل أو عدل مرتكب المخالفة عن مخالفة، إذ لا يحول هذا أو ذاك دون إجراء المتابعة ولا يترتب عنه انقضاؤها إذا كانت جارية قبل ذلك (المادة 71)، لكن الأهم هو أن المحكمة ملزمة بالأمر بهدم الأبنية والتجهيزات المنجزة بدون إذن سابق وعلى نفقة المخالف، أينما أنجزت، دون اعتبار هل هي موجودة بمنطقة مسموح بالبناء فيها أو لا (المادة 68) لكن الواقع العملي أثبت أن المحاكم الزجرية قلما تحكم بالهدم، وتترك الأمر لٌدارة، وتكثفي بالحكم الغرامات.
 
غير أن الأمر بالصدور سواء صدر من السلطة الإدارية أو من السلطة القضائية لا يمكن أن يشمل إلا الأشغال المنجزة بدون الحصول على الإذن الإداري المسبق دون سواها.
إلا أن هذا لا يعني أنه بالنسبة لمرتكبي المخالفات الأخرى لا يوجد هناك سبيل لإرغامهم على احترام القوانين والأنظمة المعمول بها في هذا الميدان، فكل مخالفة أخرى تتعلق بإنجاز مشروع مرخص له، يكون جزاؤها قبل كل شيء رفض التسليم المؤقت لأشغال التجهيز، ويليه دفع غرامة تتراوح ما بين 100.00 و 1.000.000 درهم مقابل كل بيع أو إيجار أو قسمة البقع أو المساكن أو عرضها لذلك (المادة 64).
 
أضف إلى ذلك ضم الغرامات عند تعدد مثل هذه العمليات العقارية (المادة 69) وتضاعفها عند العودة إلى ارتكاب مخالفة مماثلة (المادة 70)، هذا مع العلم أن هذه العقود يمنع على العدول والموثقين تحريرها، وعلى المحافظين على الأملاك العقارية تلقيها وعلى مأموري إدارة التسجيل تسجيلها.
 
وبغض النظر عن هذه الجزاءات الجنائية، فمرتكبو المخالفات في ميدان التجزئات العقارية وتقسيم العقارات، معرضون كذلك للجزاء في الميدان المدني، إذ أن عقود البيع والإيجار والقسمة المبرمة خلافا لأحكام القانون 25.90 باطلة بطلانا مطلقا، ويمكن أن تقام دعاوى أمام لقضاء أجل ذلك، سوار من قبل الإدارة أو من كل ذو مصلحة (المادة 72) على غرار ما سبق ذكره.
 
إلا أن الملاحظة الأساسية هي أن المسؤولية القانونية المحددة في هذا القانون لم تقتصر على ضمان تنفيذ الإجراءات القانونية والتقنية المتعلقة بالتجزئة العقارية، بل شملت أيضا التصرفات الواردة عليها لكن رغم ذلك، فالواقع يشهد على تكاثر التجزئات العقارية غير القانونية والإقدام على عمليات شراء بقع مقسمة في إطار سري، مما يجعلنا نفكر في طريقة أخرى تقوم على التدقيق وملأ الثغرات القانونية في هذا الباب، بالابتعاد عن القوانين التحكمية الزجرية، لجوءا إلى قانون توجيهي مرة يشجع ويعتبر أن سوء استعمال العقار ضربا في الصالح العام.
وختاما يمكن القول على أن التجزئة العقارية ليست بالعملية السهلة التي تقتصر على تقسيم العقار إلى قطع أرضية، ولكنها تدخل في إطار عمليات التعمير، التي يساهم المجزئ بواسطتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وعليه فإن المجزئ مطالب باحترام متطلبات القانون قبل الشروع تقسيم ملكيته العقارية حسب رغبات المستفيدين.
 
وعلى الرغم من ذلك تبقى عمليات التجزئ من العمليات التي تتطلب السرعة في البث والإنجاز، لذلك حدد المشرع أجلا معينا  لدراسة مختلف الملفات، لتمييع المجزئ بضمان وقت بداية أشغال مشروعه.
 
وفي المقابل، يمكن للإدارة، بل يجب عليها أن ترفض عمليات التجزئات المخالفة للقوانين والتنظيمات التي لا تستجيب لمتطلبات البناء والتعمير خاصة فيها يتعلق باحترام وثائق التعمير ومختلف التجهيزات والتحملات التي تتطلبها عملية تهيئة التجزئة، حتى نحصل على مجال منظم قائم على احترام مبادئ التخطيط والتعمير، ولتحقيق ذلك وجب الإسراع بتعميم وثائق التعمير وتزويد الوكالات الحضرية وإلى جانبها الجماعات الحضرية والقروية بالأطر التقنية والقانونية المختصة والكفأة، مع ضرورة تحديد المسؤوليات بدقة، والحد من كثرة المتدخلين.


[1]. ذ الشريف البقالي "رقابة القاضي الإداري على مشروعية القرارات الصادرة في مجال التعمير" دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2006 ص 19.
[2]. الظهير الشريف رقم 7. 92. 1 بتاريخ 15 ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992) بتنفيذ القانون 90. 25. ج ر عدد 4159 بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليوز 1992).
[3]. محمد ابن محجوز: "الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي" مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 1999، ص 593.
[4]. محمد بونبات: قوانين التحفيظ والتسجيل والتجزئة العقارية، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض بمراكش، سلسلة الكتب عدد 12 ص 108
[5]. ذ- الشريف البقالي: مرجع سابق، ص: 23.
[6]. ذ الهادي مقداد: "التجزئات ودورها في تخفيف أزمة السكن" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط – أكدال 1988 ص 25. 
[7]. ذ- الشريف البقالي: مرجع سابق، ص: 28.
[8]. ذ عز الدين الماحي "واجبات المجزئ العقاري " كتاب التجربة العقارية والتعمير أشغال ندوة العقار والتعمير بتاريخ  مارس 2001، مطبعة وليلي للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2001- 2002- ص 130.
[9]. "التجزئات العقارية ومسؤولية المجزئين في إعداد التجهيزات والساحات العمومية وفي الإنجاز" أشغال الورشة الأولي بمقر تطوان والمؤطرة من قبل الوكالة الحضرية لتطوان المنعقد في يوم 7 مارس 2006، التقرير الختامي، متواجد على شبكة الانترنيت .
[10] . Abdelaziz Benjelloun, « les limitations de la propriété en droit public marocain » éd, techniques Nord-africains rabat – 1971 p.33.
[11]. ذ الشريف البقالي: "رقابة القاضي الإداري على مشروعية القرارات الصادرة في مجال التعمير" مرجع سابق، ص 34.
[12]. ذ محمد بونبات: "قوانين التحفيظ والتسجيل والتجزئة العقارية" مرجع سابق ص 116.
[13]. ذ الحبيب شوراق " الضمانات التي يوفرها الرسم العقاري" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام وحدة العقار والإسكان والتعمير كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط أكدال السنة الجامعية 2002-2003 ص. 91 وما بعدها.
[14].ذ المختار عطار: "قانون التحفيظ العقاري والتجزئات العقارية أي ضمانة للاستثمار" ندوة العقار والتعمير بتاريخ مارس 2001 تحت عنوان التجزئة العقارية والتعمير، مطبعة وليلي للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2001- 2002 ص 25.
[15]. ذ- الشريف البقالي: مرجع سابق، ص: 41.
[16]. ذ ادريس البصري: "دليل التعمير والهندسة المعمارية مجموعة تشييد دولة حديثة المطبعة الملكية 1994- ص 83 و84.
[17]. ذ إدريس البصري: مرجع سابق ص 86.
[18]. ذ محمد بونبات: مرجع سابق ص 86
[19]. الشريف البقالي: مرجع سابق ص: 58 وما بعدها.
[20]. المواد من 13 إلى 17 من القانون 90. 25 المتعلق بالتجزئات العقارية.
[21]-ذ إدريس البصري، مرجع سابق ص 104.
[22]-ذ. محمد هلول: رخصة تجزيئ الأراضي المفتوحة للعمران "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام وحدة العقار والتعمير والإسكان جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط أكدال السنة الجامعية 2002-2003.
[23]- ذ. محمد مومن: شكلية عقد البيع الواقع في أقسام  التجزئات العقارية وأهميتها في استقرار المعاملات ندوة العقار والتعمير بتاريخ مارس 2001 تحت عنوان التجزئة العقارية والتعمير مطبعة وليلى للطباعة والنشر ط 1-02/2001 ص 87.
[24]. ذ الشريف البقالي، مرجع سابق ص 65.
[25]. ذ محمد هلول: مرجع سابق ص 108.
[26]-ذ. الشريف البقالي مرجع سابق، ص 71.
[27]-القانون 22.01 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.02.255 بتاريخ 25 رجب 1423 /3 أكتوبر 2002 المنشور في الجريدة الرسمية عدد5072 بتاريخ 2003، كما تم تتميمه وتغييره بموجب القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 01.03.140 بتاريخ 26  ربيع الأول 1424 (28 ماي 2003 الجريدة الرسمية عدد 5112 بتاريخ 29 ماي 200.)
[28]-ذ. الشريف البقالي، مرجع سابق ص:73.
[29]-الشريف البقالي: مرجع سابق ص 74 وما بعدها.

 
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement